(إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ
وَإِنَّهُ بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ) النمل 30
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
أول ما يبدأ به القرآن أو أي حوار أو خطاب إسلامي
هو " بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ "
وإن قيل أنها ليست من الوحي .. لكنها تملك
الواقع حيث تكررت في المصحف 114 مرة في
بدايات السور ومرة واحدة في
سورة النمل كجزء من النص قيل علي لسان بلقيس كمفتاح
رسالة من سيدنا
سليمان .. ولم يسبق الإسلام أحد في ذكر البسملة باسم الله حتى ما
جاء
علي لسان بلقيس كان من الزمن الغابر والإسلام القديم الذي دان به سليمان
وبلقيس
ثم اندثرت مع دين سليمان حتى جددها القرآن .. وإن قيل أن العرب
كانت تقول " باسْمِك اللهُم "فمن الواضح أن هذا
قول البشر موجه منهم إلي الله
وهو مجرد أمنية.. إذن " بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
" من قول
الله الحكيم الذي ذكر اسمه متبوعاً بصفتين حتى لا يُشك أن المتحدث
أحد
غير الله..وتم التكرار 114 مرة حتى لا يُقال أن هذا كلام اثنين أو ثلاث ..
وفي
أي مناسبة في عالمنا الإسلامي عندما نسمع البسملة نفهم أنه إما
سيُتلي بعدها قرآناً
أو يتبرك بها القاريء كنوع من الدعاء آملاً في أن
يكون حديثة فيه رحمة من الله ..
وللبسملة خصوصيتها عند قراءة القرآن
لأنها تعني أن الله هو الذي يتكلم علي لساني ..
لا أنني أتكلم بلسان
الله .
وقد
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله
:
اختلف العلماء في البسملة ، هل
هي آية من أول كل
سورة ، أو من الفاتحة فقط ، أو ليست آية مطلقاً ،
أما قوله في سورة النمل :
(إِنَّهُ مِنْ
سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِاِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
: فهي آية من القرآن إجماعاً
.
وقد روى
جويبر عن الضحاك نحوه من قبله عن ابن بريدة عن
أبيه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: « أنزلت
عليّ آية لم تنزل على نبي غير سليمان بن دواد
وغيري وهي {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
}، وروي
بإسناده عن جابر بن عبد الله قال: لما نزل {بِسْمِ
اللَّهِ
الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ } هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الرياح ،
وهاج
البحر وأصغت البهائم بآذانها، ورجمت الشياطين من السماء، وحلف الله تعالى
بعزته
وجلاله أن لا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه ..
وقال وكيع
عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: من
أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة
عشر فليقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـن الرَّحِيمِ }
فيجعل
الله له من كل حرف منها جنة من كل واحد. ذكره ابن عطية والقرطبي ووجهه ابن
عطية
ونصره بحديث « لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها
» لقول الرجل ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، من أجل
أنها بضعة
وثلاثون حرفاً وغير ذلك ..
وقال
الإمام أحمد بن حنبل في مسنده: عن أبا تميمة يحدث
عن رديف النبي صلى الله عليه وسلم
قال عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم
فقلت : تعس الشيطان فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : « لا تقل تعس الشيطان، فإنك إذا قلت تعس الشيطان تعاظم
وقال
بقوتي صرعته ، وإذا قلت باسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب » ...
عن عائشة
رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : (( إذا
أكل أحدكم فليذكر اسم الله
تعالى ، فأن نسي ان يذكر اسم الله تعالى في اوله ، فل
يقل : بسم الله
اوله وآخره )) رواه ابوداود والترمذي ..
وعن أمية
بن مخشي الصحابي رضي الله عنه قال : كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم جالسا ، ورجل
يأكل فلم يسمي الله حتى لم يبقى
من طعامة إلا لقمة . فلما رفعها إلى فيه ، قال :
بسم الله في اوله
وآخره ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : (( ما
زال الشيطان يأكل معه ، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في
بطنه
)) رواه أبو داؤد والنسائي ..
وعن جابر
رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : (( اذا دخل الرجل بيته ، فذكر الله
تعالى عند دخوله وعند طعامه ، قال
الشيطان لأصحابه : لا مبيت لكم ولا
عشاء ، واذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله
، قال الشيطان : ادركتم
المبيت ، واذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه ، قال : ادركتم
المبيت
والعشاء )) رواه مسلم ..
معاني بسم
الله :
وتعنى - ضمن معان عديدة - أن
هذا العمل تفعله لا بسلطتك و لا
بقويك و إنما باسمه سبحانه وتعالى
وبسلطته و بحوله و قوته مرضاة له وتنفيذا لأمره
.. باسم إلهي وربي ..
باسم مليكي وخالقي .. بسم الله أفعلُ كذا.. وأقولُ كذا..
والبسملة
كلمة عظيمة افتتح الله بها خطابه لخلقه ..
وفي هذا سر عظيم .. وقد قال سيدنا علي
كرم الله وجهه لو أردت اتكلم على
الباء منها لأوقرت ألف بعير .. فلو كنا نتعامل مع
مخلوقات الله باسم
خالقها فتكون بذلك منسجمة ومتأدبة ..
قال
الإمام العالم الحبر العابد أبو محمد عبد الرحمن
بن أبي حاتم رحمه الله في تفسيره :
عن ابن عباس أن عثمان بن عفان سأل
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن {بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ } ؟ فقال: « هو اسم من
أسماء الله وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد
العينين
وبياضهما من القرب» ..
يُسن قول
البسملة قبل الوضوء والطعام والشراب
لما ذُكر في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لربيبه عمر
بن أبي سلمة: « قل بسم الله وكل بيمينك
وكل مما
يليك» .
والدخول
والخروج من المسجد أو المنزل .
وتستحب في
أول الوضوء لما جاء في مسند الإمام أحمد
والسنن من رواية أبي هريرة وسعيد بن زيد
وأبي سعيد مرفوعاً « لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه »
.
وعند كل
أمر ذي بال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « كل أمر لا يبدأ
فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم
» .
وتستحب
قولها عند الجماع لما في الصحيحين عن ابن عباس
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: « لو أن
أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله اللهم
جنبنا الشيطان وجنب
الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان
أبداً»
.
وتستحب
عند الذبيحة في مذهب الشافعي وأوجبها آخرون عند الذكر ومطلقاً إلا عند
الدخول إلى
الخلاء ..
=============